المستشار سامح المشد يكتب : ضاحي خلفان.. هل آن الأوان للإعتراف بالعرفان؟!

بواسطة فبركة بتاريخ الأحد، 8 يوليو 2012 | 8:33 م

”ماذا ينتظر المجتمع من مثل الخلفان وأمثاله؟! إن خوفهم من تصدير الثورة جاء بعد نشر مقال في صحيفة الغارديان البريطاني  بعنوان”تأمين ثورة مصر يكون بنشرها” يَخلُصُ فيه الكاتب إلى أن نشر الثورة ضروري في العالم العربي، ويقول:”إن الديكتاتوريات السعودية والخليجية التي يساندها الغرب هي محور الحملة الرامية إلى عرقلة أو تسميم الإنتفاضات طوال الـ 18 شهرا الماضية، وباتت منطقة الخليج بؤرة الثورة المضادة في المنطقة”، وعبر صاحب المقال عن إعتقاده بأن الثورة العربية سوف تؤمَّن فقط عندما تصل إلى الأنظمة السلطوية في دول الخليج العربي. وأوجه كلمة لأصحاب الأقلام المخلصين لمصر الذين بذلوا مشكورين وما يزالوان جهودًا مثمرة في الدِّفاع عن الدولة, ضد مؤامرات الحقد الخارجية التي تُريد أن تفرق الصفوف، وتريد أن تسعى بالنميمة والفتنة والتحريض، وضد من يمارسون بكل سماجة وبرود الطَّعن والتحريض على ثورة ناجحة خوفا من تصدير الثورة لهم! لم تُحدث شخصية في الخليج العربي الضجة الإعلامية التي يثيرها قائد شرطة دبي  ، بسبب مواقفه وتصريحاته المثيرة للجدل، التي تُخالف المواقف العامة المعروفة في هذا المحيط ، وهو ما دفع وزارة الخارجية المصرية الى إستدعاء السفير الإماراتي للإحتجاج لديه على هذه التصريحات، التي «لا تتفق مع المواقف الصادرة عن أرفع مستويات الدولة الإماراتية، التي رحبت بنتائج أول إنتخابات رئاسية ديموقراطية في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير المجيدة». فلم يتجرأ على مصر فقط بل تطاول على حكام الخليج والإمارات, فهاجم بذخهم وإسرافهم في الداخل، قبل أن يتوسّع الى الخارج، ليعلن مواقف أكثر تناقضا عن المعروف في الخليج؛ فدعا الى علاقات متوازنة مع إيران، وكثيراً ما أصابت سهام إنتقاضاته الهدامة حكّام الدولة وسياستها الخارجية، وهو ما إستنكرته كثيرا من شخصيات دينية مرموقة، في شبه الجزيرة العربية، وخصوصا بعد حديثه عن مخطط إسلامي مدروس للسيطرة على دول الخليج العربي بدءاً من الكويت، وهو ما نزع فتيل حرب إعلامية تناثرت إلى حد إتهامه بالتعامل مع جهاز الإستخبارات الإسرائيلية «الموساد» والخابرات المصرية, والنظام الإيراني، آخرها كان من الداعية السعودي الشيخ (عائض القرني)، الذي أيقن أن إيران تستغل الفريق خلفان كأداة للإنتقام من الإخوان المسلمين السوريين، الذين رفضوا كثيرا من الأطروحات والعروضات الإيرانية للوساطة مع النظام.
وإذا ما دققنا النظر في الماضي البائس للخلفان اليائس, نجده يكشف خفايا وأسرارا كثيرة ومتعددة عن الحقيقة المرة لهذا الضابط,، الذي أبدع في تأسيس واحد من أقوى الأجهزة الأمنية في العالم, وغض النظر عن إستقدام العمالة الأجنبية، ما أخل بشدّة بالتركيبة السكانية, كما أنه أتقن تطوير جهاز الشرطة, ونجح في كسر الصورة النمطية له في وطننا العربي؛ علما بأنه يتمتع بولاء مطلق من فريقه الأمني المتحكم في كل تفاصيل دبي، وهو ما يجعل منه قوة بارزة قادرة على قلب المعادلة في هذه الإمارة على الأقل، وخصوصاً أنه نجح إلى حد ما في كسر العقلية العشائرية وتحديد الإنتماء إلى الدولة لا إلى القبيلة, ولا بد أن أنوه الى أن خلفان كان ضابطا عاديا نمطيا غير معروف, فسطع نجمه عند وقوع جريمة قتل النجمة اللبنانية سوزان تميم، بخطة مدبرة من هشام طلعت مصطفى، التي كشف ضاحي خيوطها، قبل أن يبزغ نجمه, ويشع شمسه بشكل جلي مع عملية إغتيال، محمود المبحوح، القيادي بحركة حماس, في فندق بدبي، وهو ما أصاب سمعة دبي بالاهتزاز، ولا سيما أن العملية تزامنت مع الأزمة المالية التي ضربت الإمارة الخليجية، لكن خلفان نجح من جديد بكشف خيوط الجريمة بسرعة فائقة، وأعطى المدينة المعولمة صيتاً أمنياً لا مثيل له. وذلك لأنه وللمرة الأولى, دخلت التنمية الفردية والإجتماعية وأساليب التعامل مع الشخصيات إلى الفريق الأمني في بلد عربي، بالإضافة الى معدّات تحليل الحمض النووي, فهذه الأساليب هى التي مكّنته من كشف الجرائم بسرعة فائقة، محافظاً بذلك على صورة دبي كمدينة منفتحة آمنة وكواجهة سياحية للإمارات. ومع بروز إسمه وذيع صيته كقائد أمني، أطلق خلفان سلسلة تصريحات، بدأت بالهجوم على إسرائيل المتورطة في عملية إغتيال المبحوح لتمتد إلى إيران، ذات العلاقة الباردة سياسياً مع الإمارات، متحدثاً عن ضرورة تعزيز العلاقات معها، بالإضافة الى التصريحات التي ذكرتها في بداية حديثي وهو ما جلب له إنتقادات شديدة سواء من مصر أو من خارج مصر. مواقف قائد شرطة دبي أثارت جدلاً كبيراً, والأكثر جدلا واللافت للإنتباه أنه رغم كل تصريحاته النارية، فقد بنى خلفان علاقة وطيدة مع حاكم دبي، الشيخ بن راشد آل مكتوم، الذي فضل الصمت عن تصريحات صديقه ورفيق عمره, وزميل دراسته, ضاحي خلفان، وهو ما حلله مراقبون للمشهد الإماراتي أنها مواقف لا بد من المحافظة عليها خطوة, مع الشخصية القيادية الأمنية الأبرز في الدولة, وإذا ماسألت عن سر قوته, أقول لك بأن هناك عاملا مهما يعزز من قوة مواقف خلفان؛ ففي الخليج الصامت ثمة من يتفق معه لتوجهاته ومواقفه من الإخوان المسلمين، ومن سياسة البذخ في الدولة، وهو ما تجسد بتصريحات حاكم الشارقة، الشيخ سلطان القاسمي، عن الإخوان، بالإضافة الى الإنتقاد الصارم لحاكم ثالث إمارة في الإمارات, للوضع المالي في البلاد؛ فبينما تغرق أبو ظبي ودبي في الأزمة المالية من جهة، وفي سياسة الإنفاق الهائل على الأبراج السكنية والإستثمارات العقارية من جهة ثانية، تعيش الشارقة حالة من التقشف والإهمال، وهو ما ينسحب بدوره على الإمارات الأربع الباقية (عجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين) التي تعيش في دنيا من التهميش والتراجع الإقتصادي، فضلا عن التخلف السياسي عبر إحتكامها إلى العرف القبلي, فالمجتمع الإماراتي، لمن لا يعرف, ورغم أنه دخل عالم التقدم والحضارة والنهضة والمدنية، لكنّه لا يزال حتى الآن يضع قدماً في البداوة، وهو ممهد لأن يعود إلى العصبية القبلية والوقوف بجوار الحاكم, حيث وطد الشيخ زايد من سلطة رجال القبائل من أجل الحفاظ على سلامة الحكم, ورغم التناقض الملموس في سياسة قطبي الحكم في الدولة: رئيس الدولة خليفة بن زايد آل نهيان وحاكم دبي الشاعر الشيخ محمد بن راشد، تجد أن الكلمة الفصل, تعود إلى حاكم الإمارات الشيخ خليفة, الذي يلبس الثياب المدني بسلطة عسكرية، مما يقلل إحتمال أى دور قد يؤديه ضاحي خلفان في المشهد الخليجي. وأقول لك يا خلفان هل نسيت أسيادك؟ فوالله لو ظللت أكتب لك من هم الأسياد ومن هم دون ذلك ماتوقفت عن الكتابة أبدا, ولماذا لم تأخذ الرجل المحترم الشيخ زايد رحمه الله مثلا يحتذى به في المعاملات العربية المحترمة؟ لذا أطالبك ياخلفان بإسم الإتحاد الدولي للشباب الحر, والإتحاد الدولي للثوار العرب, أن تتقدم بإعتزار رسمي لمصر وشعب مصر ورئيس مصر, ولا تنس أن الفضل في التقدم الأمني في دبى يعود لله ثم للخبراء الأمنيين المصريين, وأذكر عندما كنت في مهمة دبلوماسية من لندن الى دبى في عام 2000, قمت بمقابلة أستاذي وصديقي المصري اللواء فريدون محمد نجيب الخبير الأمني العالمي, الذي يعمل في أمن دبى والذى إكتشف 27 محاولة لإغتيال مبارك المخلوع قبل وقوعها, عندما كان يعمل بأمن رئاسة الجمهورية المصرية, ولكن سرعان ماتعاقدت معه دبى ومع الكثير من الخبراء المصريين للإستفادة من خبراتهم, والشرب من نهر علمهم, والنهل من فيض كفائاتهم عالية المستوى, مما أدى الى رفعة وتقدم المستوى الأمني في دبى, فمن أين إكتسبت دبى خبراتها؟ وماذا قدمت كلية الشرطة والكليات العسكرية المصرية للطلبة الإماراتيين وأمن دبى؟ فلا بد ياخلفان أن تعترف بالعرفان.


المصدر الفجر



0 التعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون